الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النهاية في غريب الحديث **
{نظر} (س) فيه <إن اللَّه لا يَنْظُر إلى صُوَرِكم وأموالِكم، ولكن إلى قلوبكم وأعمالكم> معنى النَّظَر ها هنا الاخْتِيار والرحمة والعَطْف؛ لأنَّ النظر في الشاهد دليلُ المحبَّة، وتَرْك النظر دليل البُغْض والكراهة، ومَيْلُ الناس إلى الصور المُعْجِبة والأموال الفائقة، واللَّه يَتَقَدّس عن شَبَه المخلوقين، فجَعَل نَظَره إلى ما هو السِّرُّ واللُّبُّ، وهو القلب والعَمل. والنَّظَر يقع على الأجسام والمعاني، فما كان بالأبصار فهو للأجسام، وما كان بالبَصائر كان للمعاني. ومنه الحديث <مَن ابْتاع مُصَرَّاةً فهو بخير النَّظَرَين> أي خير الأمرين له، إمّا إمْساك المَبيع أو رَدّه، أيُّهما كان خيرا له واخْتارَه فَعَله. وكذلك حديث القِصاص <من قُتِل له قَتيل فهو بخير النظَرين> يعني القصاصَ والدِيَة، أيَّهما اختار كان له. وكلُّ هذه مَعانٍ لا صُوَرٌ. (ه) وفي حديث عِمْرانَ بن حُصَين رضي اللَّه عنه <قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: النظر إلى وجه عليّ عبادة> قيل (القائل هو ابن الأعرابي، كما في الهروي): معناه أنّ علِيا رضي اللَّه عنه كان إذا بَرَز قال الناسُ: لا إله إلا اللَّه، ما أشرَفَ هذا الفَتى! لا إله إلا اللَّه، ما أعلَمَ هذا الفتى! لا إله إلا اللَّه، ما أكرَمَ هذا الفتى! أي ما أتْقَى، لا إله إلا اللَّه، ما أشْجَعَ هذا الفتى! فكانت رؤيَتُه تَحْمِلُهم على كلمة التوحيد. [ه] وفيه <إن عبد اللَّه أبا النبي صلى اللَّه عليه وسلم مَرَّ بامرأةٍ تَنْظُرُ وتعْتافُ، فرأت في وجهِه نُوراً، فدَعَتْه إلى أن يَسْتَبْضِعَ منها وتُعْطيَه مائةً من الإبل، فأبَى> تَنْظُر: أي تَتَكهَّن، وهو نَظَر تَعَلُّم وفِراسةٍ. والمرأة كاظِمةُ بنتُ مُرّ. وكانت مُتَهَوِّدة قد قَرأتِ الكتبَ وقيل: هي أختُ ورقَة بن نَوْفَل. (ه) وفيه <أنه رأى جارية بها سُفْعةٌ، فقال: إن بها نَظْرةً فاسْتَرْقُوا لها> أي بها عين أصابَتْها نَظَر الجنّ. وصَبيٌّ منظور: أصابته العين. وفي حديث ابن مسعود <لقد عَرَفْتُ النظائرَ التي كان رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يَفُوم بها: عشرين سورة من المَفَصَّل> النَّظائر: جمع نَظيرة، وهي المِثْل والشِّبْه في الأشكال، والأخلاق، والأفعالِ، والأقوالِ، أراد اشْتِباهَ بعضِها ببعض في الطول. والنَّظيرُ: المِثْلُ في كل شيء. وقد تكرّر في الحديث. (ه) وفي حديث الزُّهْري <لا تُناظِرْ بكتاب اللَّه ولا بسُنَّة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم> أي لا تَجْعل لهما شِبْهاً ونظيرا، فَتَدَعُهما وتَأخُذ به، أوْ لا تَجْعلهما مَثَلا، كقول القائل إذا جاء في الوقت الذي يريد: وفيه <كنتُ أبايِعُ الناسَ فكنْتُ أُنْظِرُ المُعْسِر> الإنْظارُ: التأخير والإمْهال. يقال: أنْظَرْتُه أُنْظِرُه، واسْتَنْظَرته، إذا طلَبْتَ منه أن يُنْظِرَك. وفي حديث أنس <نَظَرْنا النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم ذاتَ ليلة حتى كان شَطْر الليل> يقال: نَظَرتُه وانْتَظرْته، إذا ارْتَقَبْتَ حضورَه. ومنه حديث الحج <فإنّي أنْظُركُما>. وحديث الأشْعَرِييّن <انْ تَنْظُروهم> وقد تكرّر ذكر <النَّظر، والإنْتِظار، والإنْظار> في الحديث. {نظف} (س) فيه <إن اللَّه تَبارَك وتعالى نَظيفٌ يُحبُّ النَّظافة> نَظافة اللَّه: كناية عن تَنَزُّهِه من سِمات الحَدَث، وتَعالِيه في ذاتِه عن كل نَقْص. وحُبُّه النَّظافةَ من غيره كنايةٌ عن خلوص العَقيدة ونَفْيِ الشِّرْك ومُجانَبة الأهْواء، ثم نظافة القلْب عن الغِلّ والحِقْد والحَسد وأمثالِها، ثم نَظافة المَطْعَم والمَلْبَس عن الحرام والشُّبَه، ثم نظافة الظاهر لِمُلابَسة العبادات. منه الحديث <نَظِّفوا أفواهَكم فإنها طُرُق القرآن> صُونُوها عن اللَّغو، والفُحْش، والغِيبة، والنَّميمة، والكذِب، وأمثالها، وعن أكل الحرام والقاذورات، والحَثّ (هكذا في الأصل، وا، واللسان. والذي في الدر النثير مكان هذا: <وطهِّروها بالماء والسِّواك<.) على تطهيرها من النجاسات والسّواك. (س) وفيه <تكون فِتْنَتٌ تَسْتنظِف العرب> أي تَسْتَوْعِبُهم هَلاكاً يقال: اسْتَنْظَفت الشيء، إذا أخذْتَه كلَّه. ومنه قولهم: اسْتنظفت الخَراج، ولا يقال: نَظَّفْتُه. ومنه حديث الزُّهرِي <فقَدَّرْت أنّي اسْتَنْظَفْتُ ما عنده، واسْتَغْنَيْت عنه>. {نظم} *في أشراط الساعة <وآيات تَتابَع كنِظامٍ بالٍ قُطِع سِلْكُه> النِظام: العِقْدُ من الجَوْهر والخَرَز ونحوِهما. وسِلْكُه: خَيْطُه. {نعب} (س) في دعاء داود عليه السلام <يا رازِقَ النَّعَّابِ في عُشِّه> النَّعَّاب: الغرابُ. والنَّعيب: صوْتُه. وقد نَعَبَ يَنْعِبُ ويَنْعَبُ نَعْباً. قيل: إنّ فَرْخ الغُراب إذا خرج من بَيْضتِه يكون أبيضَ كالشَّحْمة، فإذا رآه الغراب أنكرَه وتَرَكه ولم يَزُقّه، فيَسُوق اللَّه إليه البَقَّ فيَقَع عليه، لِزُهومة ريحِه، فيَلْقُطُها ويَعيشُ بها إلى أن يَطْلُعَ رِيشُه ويَسْوَدّ، فيُعاوِدُه أبو وأمُّه. {نعت} (س) في صفته صلى اللَّه عليه وسلم <يقول ناعِتُه: لم أرَ قَبْلَه ولا بعدَه مِثْلَه> النَّعْت: وصفُ الشيء بما فيه من حُسْن. ولا يقال في القبيح، إلا أن يَتَكلَّف مُتَكلِّف، فيقول: نعت سوء، والوصف يقال في الحَسَن والقبيح. {نعثل} (ه) في مَقْتَل عثمان <لا يَمْنَعنَّك مكانُ ابنِ سَلاَم أن تَسُبَّ نَعْثَلاً> كان أعداء عثمان يسمّونه نَعْثَلا، تشبيها برجل من مِصر (في الهروي: <مُضَر>)، كان طويل اللحية اسمُه نَعْثَل. وقيل: النَّعْثَل: الشيخ الأحْمَقُ، وذَكَرُ الضِباع. ومنه حديث عائشة <اقتُلوا نَعْثَلا، قَتَل اللَّه نَعْثَلا> تَعْني عثمان. وهذا كان منها لمَّا غاضَبَتَهْ وذَهَبَتْ إلى مكة. {نعج} *في شعر خُفاف بن نُدْبة: والناعِجاتِ المُسْرِعاتِ بالنَّجا (هكذا في الأصل. وفي ا: <النَّجا> وفي اللسان: <للنَّجا> والذي في الفائق 1/175: <النَّجاءْ> وقد نص الزمخشري على أن القافية ممدودة مقيدة. وانظر الكامل، للمبرد ص 211.) يعني الخِفاف من الإبل. وقيل: الحِسان الألْوان. {نعر} (ه) في حديث عمر <لا أُقْلِعُ عنه حتى أطَيِّر نُعَرَته> ورُوي <حتى أنْزِع النُّعَرة (في الأصل: <نَعَرَتَه، والنَّعَرَة> والضبط المثبت من كل المراجع. وقد نص الجوهري على أنه كُهُمَزَة. لكن قول المصنف بعد ذلك إنه بالتحريك يقتضي أنه بفتح النون فقط. والذي يُستفاد من عبارة القاموس أنه كهُمَزَة، وبالتحريك أيضا.) التي في أنْفِه> النّعَرة، بالتحريك: ذُباب [كبير] (زيادة من الهروي. مكانها في الصحاح، وإصلاح المنطق ص 205: <ضَخْم>) أزْرَقُ، له إبْرة يَلْسَع بها، ويَتَوَلَّع بالبعير، ويدخُل في أنْفِه فَيَرْكَب رأسَه، سميت بذلك لنَعِيرها وهو صوتُها، ثم اسْتُعِيرت للنَّخْوة والأنَفَة والكِبْر: أي حتى أُزِيلَ نَخْوَتَه، وأُخْرِج جَهْلَه من رأسِه. أخرجه الهروي من حديث عمر، وجَعله الزمخشري حديثا مرفوعا (إنما أخرجه الزمخشري من حديث عمر، أيضا. انظر الفائق 3/108) [ه] ومنه حديث أبي الدَّرْداء <إذا رأيتَ نُعَرةَ الناس، ولا تستطيع أن تُغَيِّرَها، فدَعْها حتى يكونَ اللَّهُ يُغَيِّرها> أي كِبْرَهم وجَهْلَهم. [ه] وفي حديث ابن عباس <أعوذ باللَّه من شرِّ عِرْقٍ نَعَّارٍ> نَعَر العِرْقُ بالدم، إذا ارْتَفَع وعَلا. وجُرْحٌ نَعَّار ونَعُور، إذا صَوّت دمُه عند خروجه. (ه) ومنه حديث الحسن <كلَّما نَعَر بهم ناعِرٌ اتبَعُوه> أي ناهِضٌ يَدْعوهم إلى الفتنة، ويَصيح بهم إليها. {نعس} *قد تكرر فيه ذِكر <النُّعاس> إسْما وفِعْلا. يقال: نَعَس يَنْعَسُ نُعاساً ونَعْسةً فهو ناعِس. ولا يقال: نَعْسان. والنُّعاس: الوَسَن وأوّل النَّوم. (س) وفيه <إنّ كلماتِه بَلَغَت ناعُوسَ البحر> قال أبو موسى: هكذا وقع في صحيح مسلم (أخرجه مسلم في (باب تخفيف الصلاة والخطبة، من كتاب الجمعة) وقال الإمام النووي في شرحه 6/157: <قال القاضي عياض: أكثر نسخ صحيح مسلم وقع فيها <قاعوس> بالقاف والعين. قال: ووقع عند أبي محمد بن سعيد: <تاعوس> بالتاء المثناة فوق. قال: ورواه بعضهم: <ناعوس> بالنون والعين. قال: وذكره أبو مسعود الدمشقي في أطراف الصحيحين، والحميدي في الجمع بين رجال الصحيحين <قاموس> بالقاف والميم>.) وفي سائر الروايات <قاموس البحر> وهو وسَطُه ولُجَّته، ولعله لم يُجَوِّد كِتْبتَهُ فصَحَّفَه بعضُهم. وليست هذه اللَّفْظة أصلا في مُسْنَد إسحاق (ابن راهُويه، كما صرَّح النووي) الذي رَوَى عنه مسلم هذا الحديثَ، غير أنه قَرَنَه بأبي موسى ورِوايَتِه، فَلَعلَّها فيها. قال: وإنما أورِدُ نحوَ هذه الألفاظ، لأنّ الإنسان إذا طَلَبَه لم يَجِدْه في شيء من الكُتب فَيَتَحَيَّر، فإذا نَظَر في كتابنا عَرَف أصلَه ومعناه. {نعش} (ه) فيه <وإذا تَعِسَ فلا انْتَعَشَ> أي لا ارْتَفَع، وهو دُعاء عليه. يقال: نَعَشَه اللَّه يَنْعَشُه نَعْشاً إذا رَفَعَه. وانْتَعَش العاثِر، إذا نَهَضَ من عَثْرِته، وبه سُمِّي سَرير الميتِ نَعْشاً لارتفاعه. وإذا لم يكن عليه ميِّت مَحْمُول فهو سَرير. ومنه حديث عمر <انْتَعِشْ نَعشَكَ اللَّه> أي ارتفِع. [ه] وحديث عائشة (تصف أباها رضي اللَّه عنهما) <فانْتاشَ الدِّينَ بِنَعْشِهِ > أي استدْرَكَه بإقامته من مَصْرَعِه. ويروى <انْتاشَ الدِين فَنَعَشَه> بالفاء، على أنه فِعْل. وحديث جابر <فانْطَلَقْنا به نَنْعَشُه> أي نُنْهِضُه ونُقَوِّي جَأشَه. {نعظ} [ه] في حديث أبي مسلم الخَوْلانِي <النَّعْظُ أمْرٌ عارِم (في الأصل <غارم> بالمعجمة.والتصويب بالمهملة،من ا، واللسان، والهروي، والمصباح .>) يقال: نَعَظَ الذَّكَرُ، إذا انْتَشَر، وأنْعَظَه صاحبُه. وأنْعَظَ الرجلُ، إذا اشْتَهى الجِماع. والإنْعاظُ: الشَّبَق. يعني أنه أمرٌ شديد. {نعف} [ه] في حديث عطاء <رأيت الأسودَ بن يزيد قد تَلَفَّف في قَطيفة، ثم عَقَد هُدبَةَ القطيفة بنَعَفَة الرَّحل> النَّعفَة بالتحريك: جِلْدةٌ أو سَيرٌ يُشَدُّ في آخرِه الرَّحْل، يُعَلَّق فيه الشيء يكون مع الراكب. وقيل: هي فَضْلة من غِشاء الرَّحْل، تُشَقَّق سُيورا وتكون على آخِرته. {نعق} *فيه <قال لِنساء عثمان بن مَظْعون لمَّا مات: ابْكِين وإياكنّ ونَعيقَ الشيْطان> يعني الصِّياح والنَّوح. وأضافَه إلى الشيطان؛ لأنه الحامِلُ عليه. ومنه حديث المدينة <آخر مَن يُحْشَر راعِيان من مُزَيْنَةَ، يريدان المدينة، يَنْعِقان بغَنَمِهما> أي يَصِيحان. يقال: نَعَقَ الراعي بالغنم يَنْعَق (من باب منع، وضرب، كما في القاموس، وزاد في المصدر: <نَعْقاً، ونُعاقا>.) نَعيقا فهو ناعِق، إذا دَعاها لِتَعُود إليه. وقد تكرر في الحديث. {نعل} (ه) فيه <إذا ابْتَلَّتِ النِعالُ فالصلاة في الرِّحال> النِّعال: جَمْع نَعْل، وهو ما غَلُظ من الأرض في صلابة. وإنما خصَّها بالذِكر، لأن أدْنى بَلَلٍ يُنَدِّيها، بخلاف الرِّخْوة فإنها تُنَشِّف الماء. (ه) وفيه <كان نَعْلُ سيفِ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من فِضَّة> نَعْل السيف: الحديدةُ (هذا شرح شَمِر، كما ذكر الهروي) التي تكون في أسفل القِراب. (س) وفيه <أن رجلا شَكا إليه رجلا من الأنصار فقال: يا خَيرَ مَن يَمْش بنَعْل فَرْدِ* النَّعْل: مُؤنثة، وهي التي تُلْبَس في المشْي، تُسَمَّى الآن: تاسُومة، ووَصَفَها بالفَرْد وهو مذَكر؛ لأن تأنيثها غيرُ حقيقيّ. والفَرْدُ: هي التي لم تُخْصَف ولم تُطارَق، وإنما هي طاقٌ واحدٌ. والعَرب تمْدَح برِقَّة النِعال، وتَجْعلُها من لِباسِ المُلوك. يقال: نَعلْتُ، وانْتَعَلْت، إذا لَبِسْتَ النَّعْل، وأنْعَلت الخَيل، بالهمزة. ومنه الحديث <إنّ غسّانَ تُنْعِل خيلَها>. وقد تكرر ذكر <الإنْعال والإنْتِعال> في الحديث. {نعم} (ه) فيه <كيف أنْعَمُ وصاحِبُ القَرْنِ قد الْتَقَمَه؟> أي كيف أتَنَعَّم، من النَّعْمة، بالفتح، وهي المَسَرَّة والفَرح والتَّرَفُّه. (ه) ومنه الحديث <إنها لَطَيْرٌ ناعِمة> أي سِمانٌ مُتْرَفَة. وفي حديث صلاة الظهر <فأبْرَدَ بالظهر وأنْعَم> أي أطال الإبْراد وأخَّرَ الصلاة. ومنه قولهم <أنْعَمَ النَّظَرَ في الشيء> إذا أطال التَّفَكُّر فيه. [ه] ومنه الحديث <وإنَّ أبا بكر وعُمر منهم (أي من أهل عِلِّيِّين، كما صرّح الهروي) وأنْعَما> أي زادا وفَضَلا. يقال: أحْسَنْتَ إلىّ وأنْعَمْتَ: أي زِدتَ على الإنْعام. وقيل: معناه صارا إلى النعيم ودَخَلا فيه، كما يقال: أشْمَل، إذا دَخل في الشِّمال. ومعنى قولهم: أنْعَمْتُ على فلان: أي أصَرْتُ إليه نِعْمة. (س) وفيه <مَن تَوضَّأ للجُمعة فبها ونِعْمت> أي ونِعْمت الفَعْلة والخَصْلة هي، فحُذِف المخصوصُ بالمدح. والباء في قوله <فبها> متعلقة بفِعْل مُضْمَر: أي فبهذه الخَصْلة أو الفَعْلَة، يعني الوُضوء يَنال الفضل. وقيل: هو راجِع إلى السُّنّة: أي فبالسُّنة أخَذ، فأضْمَر ذلك. (س) ومنه الحديث <نِعِمَّا بالمال> أصله: نِعْم ما، فأُدغِم وشُدِّد وما: غير موصوفة ولا موصولة، كأنه قال: نِعْم شيئا المالُ، والباء زائدة، مِثْل زيادتها في كفى باللَّه حَسيباً. ومنه الحديث <نِعْم المالُ الصالحُ للرجل الصالح> وفي نِعْم لُغات، أشهَرُها كسر النون وسكون العين، ثم فتح النون وكسر العين، ثم كسرُهما. (س) وفي حديث قَتادة <عن رجل من خَثْعَم، قال: دَفعْت إلى النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم وهو بمنىً، فقلت له: أنت الذي تزْعُم أنك نبيّ؟ فقال: نَعِم> وكَسَر العين. هي لغة في نَعَم، بالفتح، التي للجواب. وقد قُرِىء بهما. وقال أبو عثمان النَّهْدي: <أمَرنا أميرُ المؤمنين عمرُ بأمرٍ فقلنا: نَعَم، فقال: لا تقولوا: نَعَم، وقولوا نَعِم> وكسر العين. (س) وقال بعض وَلَد الزبير <ما كنت أسمَع أشياخَ قريش يقولون إلا نَعِم> بكسر العين (س)وفي حديث أبي سفيان <حين أراد الخروج إلى أُحُدٍ كتَب على سَهم: نَعَم، وعلى آخر: لا، وأجالَهُما عند هُبَل، فخرج سَهم نَعَم، فخرج إلى أُحُد، فلما قال لعُمر: أُعْلُ هُبَلُ، وقال عُمر: اللَّه أعْلَى وأجَلّ، قال أبو سفيان: أنْعَمَتْ فَعالِ عنها> أي اُتْرُك ذِكْرها فقد صدَقَت في فَتْواها. وأنْعَمَتْ: أي أجابَت بنَعَم. (ه) وفي حديث الحَسَن <إذا سَمِعْتَ قولا حسنا فرُوَيْداً بصاحبه، فإن وافَق قَوْلاٌ عَملا فنَعْمَ ونُعْمَتَ عينٍ، آخِه وأوْدِدْه> أي إذا سَمِعْتَ رجلا يتكلم في العلم بما تَسْتحسِنه، فهو كالداعي لك إلى مَوَدَتّه وإخائه، فلا تَعْجل حتى تَخْتَبِر فعْلَه، فإن رأيته حَسن العَمل فأجِبْه إلى إخائه ومَوَدّتِه. وقل له: نَعَم. ونُعْمة عين: أي قُرّة عين. يعني أُقِرُّ عينك بطاعتِك واتِّباع أمرِك. يقال: نُعْمَة عين، بالضم، ونُعْمَ عين، ونُعْمَى عين. (س) وفي حديث أبي مريم <دخلْتُ على مُعاوية فقال: ما أنْعَمَنا بك؟> أي ما الذي أعْمَلك إلينا، وأقْدَمَك علينا، وإنما يقال ذلك لمن يُفْرَح بلقائه، كأنه قال: ما الذي أسَرَّنا وأفْرَحَنا، وأقَرّ أعْيُنَنا بلِقائك ورؤيتك. وفي حديث مُطَرِّف <لا تُقُل: نَعَم اللَّه بك عينا، فإن اللَّه لا يَنْعَم بأحدٍ عينا، ولكن قُلْ: أنْعَم اللَّهُ بك عينا> قال الزمخشري: الذي مَنَع منه مُطَرِّف صحيحٌ فصيح في كلامهم، وعيناً نَصْبٌ على التمييز من الكاف، والباءُ للتَّعْدِية. والمعنى: نَعَّمك اللَّهُ عينا: أي نَعَّمَ عيْنَك وأقَرّها. وفي يَحْذِفون الجارّ ويُوصلون الفعل فيقولون: نَعِمَك اللَّهُ عيْنا. وأمّا أنْعَم اللَّه بك عينا، فالباء فيه زائدة، لأنّ الهمزة كافية في التَّعْدية، تقول: نَعِمَ زيْدٌ عيناً، وأنْعَمه اللَّهُ عينا (زاد في الفائق 3/111: <ونظيرها الباء في: أقرَّ اللَّه بعينه>.) ويجوز أن يكون من أنْعم، إذا دَخَل في النَّعيم، فَيُعَدَّى بالباء. قال: وَلعَلَّ مُطَرِّفا خُيِّل إليه أن انْتِصاب المُميِّز (في ا: <التمييز>) في هذا الكلام عن الفاعل، فاسْتَعْظَمَه، تعالى اللَّه (في الفائق: <عن أن>) أن يُوصَف بالحَواسِّ عُلوّاً كبيرا، كما يقولون: نَعِمْتُ بهذا الأمر عينا، والباء للتَّعدية، فَحَسِب أنّ الأمر في نَعِم اللَّه بك عينا، كذلك. (س) وفي حديث ابن ذي يَزَن: أتَى هِرَقْلاً وقد شالَت نعَامَتُهمْ* النَّعامة: الجماعة: أي تَفَرّقوا. {نعمن} (س) في حديث ابن جُبير <خَلَق اللَّه آدمَ من دَحْناء، ومَسَح ظَهْرَه بنَعْمان السحاب> نَعْمان: جَبَل بقُرْب عَرَفة، وأضافه إلى السَّحاب، لأنه يَرْكُد فوْقَه؛ لعُلُوّه. {نعا} (س) في حديث عمر <إن اللَّه نَعَى على قوم شهَواتِهم> أي عاب عليهم. يقال: نَعَيْت على الرجُل أمْراً؛ إذا عبْتَه به ووبَّخْتَه عليه. وَنَعَى عليه ذَنْبَه: أي شَهَّرَه به. (س) ومنه حديث أبي هريرة <يَنْعَى عليّ امْرَأً أكْرَمَه اللَّه على يدي> أي يَعيبُني بقَتْلى رجلا أكْرمَه اللَّه بالشَّهادة على يَدي. يعني أنه كان قَتَل رجلا من المسلمين قبل أن يُسْلم. (ه) وفي حديث شَدّاد بن أوس <يا نَعايا العَرَب، إنَّ أخْوَفَ ما أخاف عليكم الرياء والشَّهْوة الخَفِيَّة> وفي رواية <يا نُعْيانَ العرب> يقال: نَعَى الميِّتَ يَنْعاه نَعْياً ونَعِيّاً، إذا أذاعَ موته، وأخْبَر به، وإذا ندَبَه. قال الزمخشري: (انظر الفائق 3/109) في نَعايا ثلاثة أوجُه: أحدها: أن يكون جمع نَعِيّ، وهو المصدر، كَصَفِّي وصَفايا، والثاني: أن يكون اسم جمع، كما جاء في أخِيَّة: أخايا، والثالث: أن يكون جمع نَعَاءِ، التي هي اسم الفعل، والمعنى يا نَعايا العرب جِئنَ فهذا وقْتُكنّ وزمانُكُنّ، يريد أنّ العرب قد هَلَكَت. والنُّعْيان مصدر بمعنى النَّعْيِ. وقيل: إنه جَمْع نَاعٍ، كَراعٍ ورُعْيان. والمشهور في العربيه أن العرب كانوا إذا مات منهم شريفٌ أو قُتِل بَعَثوا راكبا إلى القبائل يَنْعاه إليهم، يقول: نَعاءِ فُلانا، أو يا نَعَاء العرب: أي هَلك فلان، أو هلكَت العرب بموْت فلان. فَنعاء من نَعَيتُ: مِثْل نَظارِ ودَراكِ. فقوله <نَعاءِ فلانا> معناه انْع فلانا، كما تقول: دَرَاكِ فلانا: أي أدْرِكه. فأمّا قوله يا نَعاء العرب، مع حرف النِداء فالمُنادَى محذوف، تقديره: يا هذا انْعَ العرب، أو يا هؤلاء انعَوا العرب، بموت فلان، كقوله تعالى: <ألا يا اسجدوا> أي يا هؤلاء اسجدوا، فيمن قَرأ بتخفيف ألاَ. {نغر} (ه) فيه <أنه قال لأبي عُمَيْر أخي أنسٍ: يا أبا عُمير، ما فَعَل النُّغَيْر ؟> هو تصغير النُّغَر، وهو طائر يُشْبِه العُصْفور، أحمر المِنْقار، ويُجمع على: نِغْرَان. (ه) وفي حديث علي <جائته امرأةٌ فقالت: إنَّ زوجَها يأتي جاريَتَها: فقال: إن كنتِ صادقةً رَجَمْناه، وإن كنتِ كاذبةً جلَدْناكِ، فقالت: رُدّوني إلى أهلي غَيْرَى نَغِرَةً> أي مُغْتاظة يَغْلِي جوفِي غَلَيانَ القِدْر. يقال: نَغِرَت (من باب فَرِح، وضرَب، ومنَع، كما في القاموس) القِدْرُ تَنْغَرُ، إذا غَلَت. {نغش} (ه) فيه <أنه مَرَّ برجُلٍ نُغَاشٍ، فخرّ ساجدا، ثم قال: أسأل اللَّهَ العافية> وفي رواية <مرَّ برجلٍ نُغاشِيّ> النُّغاش والنُّغاشِيُّ: القصير، أقْصَر ما يكون، الضعيف الحركة، الناقص الخَلْق. (ه) وفيه <أنه قال: مَن يأتين بخَبَر سعد بن الربيع؟ قال محمد بن مَسْلمة: فرأيتُه وسَط القَتْلَى صريعا، فناديتُه فلم يُجِبْ، فقلتُ: إن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أرسَلَني إليك، فَتَنَغَّش كما يَتَنَغَّش الطير> أي تَحرَّك حركةً ضعيفة. {نغض} (ه) في حديث سَلْمان في خاتم النبوّة <وإذا الخاتَمُ في ناغِضِ كتِفه الأيسر> ويُرْوى <في نُغْض كتِفه> النُّغْض والنَّغْض والناغِض: أعْلى الكَتِف. وقيل: هو العَظْم الرقيق (في الهروي: <الدقيق>) الذي على طَرَفِه. [ه] ومنه حديث عبد اللَّه بن سَرْجس <نَظَرْت إلى ناغِض كَتِف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم>. (ه) ومنه حديث أبي ذَر <بَشِّر الكَنَّازين برَضْفٍ (في الهروي، واللسان: <لرَضْفة>.) في الناغِض> وفي رواية <يُوضَع على نُغْض كَتِف أحدِهم> وأصل النَّغْض: الحركة. يقال: نَغَض رأسُه، إذا تحرّك، وأنْغَضَه، إذا حرَّكَه. ومنه الحديث <وأخَذَ يُنْغِضُ رأسَه كأنه يَسْتفهِم ما يُقال له> أي يُحَرِّكه، ويَميل إليه. [ه] ومنه حديث عثمان <سَلِسَ بولي ونَغَضَت أسناني> أي قَلِقَتْ وتحرّكت. (س [ه]) وفي حديث ابن الزبير <إن الكعبة لَمَّا احتَرَقَت نَغَضَة> أي تحرّكت ووَهَت. (ه) وفي صفته صلى اللَّه عليه وسلم، من حديث علي <كان نَغَّاضَ البَطْن> فقال له عُمر: ما نَغَّاضُ البَطْن؟ فقال: مُعَكَّن البطن، وكان عُكَنُهُ (قال في المصباح: <العُكْنة: الطَّيّ في البطن من السِّمن. والجمع عُكَن، مثل غُرْفَة، وغُرَف. وربما قيل: أعكان>.) أحسنَ من سَبائك الذهب والفضة> والنَّغْض والنَّهْض أخوان. ولما كان في العُكَن نُهُوض ونُتُوٌّ عن مُسْتَوى البطن، قيل للمُعَكَّن: نغَّاض البطن. {نغف} (ه) في حديث يأجوج ومأجوج <فيُرْسِل اللَّهُ عليهم النَّغَفَ فيُصبِحون فَرْسَى> النَّغَف بالتحريك: دُودٌ يكون (في الأصل: <تكون> والمثبت من سائر المراجع) في أنوف الإبل والغنم، واحدتها: نَغَفَة. ومنه حديث الحديبية <دَعُوا محمدا وأصحابَه حتى يموتوا مَوْتَ النَّغَف>. {نغل} (س) فيه <ربما نَظر الرجلُ نَظْرةً فنَغِل قلبُه كما يَنْغَلُ الأديم في الدِّباغ فَيَ فيَتَفَتَّت> النَّغَلُ - بالتحريك -: الفسادُ، ورجلٌ نَغِلٌ، وقد نَغِلَ الأديمُ، إذا عَفِن وتَهَرَّى في الدِّباغ، فيَنْفَسد ويَهْلِك. {نغا} (س) فيه <أنه كان يُناغِي القمر في صِباه> المُناغاةُ: المُحادَثة، وقد ناغت الأمُّ صَبيَّها: لاطفَتْه وشاغَلَتْه بالمُحادَثة والمُلاعَبَة. {نفث} (ه) فيه <إنَّ رُوح القُدُسِ نَفَث في رُوعِي> يعني جبريل عليه السلام: أي أوْحَى وألْقَى، من النَّفْث بالفَم، وهو شَبيه بالنَّفْخ، وهو أقَلُّ من التَّفْل؛ لأن التَّفْل لا يكون إلاّ ومعه شيءٌ من الرِّيق. (ه) ومنه الحديث <أعوذ باللَّه من نَفْثه ونَفْخه> جاء تفسيره في الحديث أنه الشِّعْر؛ لأنه يُنْفثُ من الفَم. ومنه الحديث <أنه قَرأ الُمعَوِّذَتَين على نفْسه ونَفَث>. ومنه الحديث <أنّ زيْنبَ بنتَ رسولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنْفَر بها المشركون بَعيرَها حتى سَقَطت، فَنَفَثَتِ الدِّماء مكانَها، وألْقَت ما في بطنها> أي سَال دَمُها. (س) وفي حديث المُغِيرة <مِئناث كأنها نُفَاثٌ> أي تَنْفِثُ البَناتِ نَفْثاً. قال الخطّابي: لا أعلم النُّفاث في شيءٍ غير النَّفْث، ولا موضع له ها هنا. قُلْت: يَحْتمِل أن يكون شَبَّه كثرة مَجِيئها بالبَنات بكَثْرة النَّفْث، وتَواتُرِه وسُرْعِته. (ه) وفي حديث النَّجاشي <واللَّهِ ما يَزيد عيسى على ما يَقُول محمد مِثْلَ هذه النُّفَاثة من سِوَاكي هذا> يَعْني ما يَتَشَظَّى من السِّواك فيَبْقى في الفَمِ فَيَنْفِثُه صاحبُه. {نفج} (ه) في حديث قَيْلة <فانْتَفَجَتْ منه الأرنَبُ> أي وَثَبَتْ. ومنه الحديث <فأنْفَجْنَا أرْنَبا> أي أثَرْناها. (ه) وفي حديث آخر <أنه ذكَر فِتْنَتَين فقال: مَا الأولى عند الآخرة إلا كنَفْجةِ أرْنَبٍ> أي كَوَثْبَتِه من مَجْثَمِه، يريد تَقْليلَ مُدّتِها. (ه) وفي حديث المُسْتَضْعَفِين بمكة <فَنَفَجَتْ (يروى بالخاء المعجمة، وسيجيء) بهم الطريق> أي رَمَت بهم فَجأةً، ونَفَجَتِ الرِّيحُ، إذا جاءت بَغْتة. (س) وفي حديث أشراط الساعة <انْتِفاج (يروى بالخاء المعجمة، وسيجيء) الأهِلّة> رُوِي بالجيم، من انتَفَج جَنْبا البعيِر، إذا ارْتَفعا وعَظُمَا خِلْقةً. ونَفَجْتُ الشيء فانْتَفَج: أي رَفَعْتُه وعَظَّمْتُه. ومنه حديث علي <نافِجاً (يروى بالخاء المعجمة، وسيجيء) حِضْنَيْه> كَنَى به عن التَّعاظُم والتَّكَبُّر والخُيَلاء. وفي حديث عثمان <إنَّ هذا البَجْبَاجَ النَّفَّاجَ لا يَدْري مَا اللَّهُ> النَّفَّاج: الذي يَتَمَدّح بما ليس فيه، من الانْتِفاج: الارْتِفاع. (ه) وفي صفة الزُّبير <كان نُفُجَ الحَقِيبة> أي عَظَيم العَجُز، وهو بضم النُّون والفاء. [ه] وفي حديث أبي بكر <أنه كان يَحْلُب لأهْلِه فيقُول: أُنْفِجُ أم أُلْبِدُ> الإنْفاج: إبانَة الإناء عن الضَّرْع عند الحَلْب حتى تَعْلُوه الرَّغْوة، والإلْباد: إلصاقُه بالضَّرْع حتى لا تكون له رَغْوة. {نفح} (س) فيه <المُكْثِرون هُم المُقِلُّون إلا مَنْ نَفَح فيه يَمينَه وشِمالَه> أي ضَرَب يَدَيه فيه بالعَطاء. النَّفْح: الضَّرْب والرَّمْي. ومنه حديث أسماء <قالت: قال لي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: أَنْفِقِي، أو انْضَحِي، أو انْفَحِي، ولا تُحْصِي فَيُحْصِيَ اللَّه عليك> (ه) ومنه حديث شُرَيح <أنه أبْطَل النَّفْحَ> أراد نَفْح الدَّابةِ برجْلِها، وهو رَفْسُها، كان لا يُلْزِم صاحِبَها شيئا. (س) ومنه الحديث <إنَّ جبريلَ كان مَع حَسَّان ما نافَح عَنّي> أي دافَع. والمُنَافَحة والمُكافَحة: المُدافَعة والمُضارَبة. ونَفَحْتُ الرجُل بالسيف: تَناوَلْتُه به، يُريد بِمُنافَحتِه هِجاءَ الُمشْركين، ومُجاوَبَتَهم على أشْعارِهِم. (س) ومنه حديث علي في صِفّين <نافِحُوا بالظُّبَا> أي قاتِلوا بالسُّيوف. وأصلُه أن يَقْرُب أحدُ المُتقاتِلين من الآخر بحَيْث يَصِل نَفْحُ كلِّ واحدٍ منهما إلى صاحِبه، وهي ريحُه ونَفَسُه. ونَفْحُ الرّيح: هُبُوبُها. ونَفَح الطِّيبُ، إذا فاح. ومنه الحديث <إن لربِّكم في أيَّام دَهْركم نَفَحاتٍ، ألاَ فَتَعَرّضوا لها> (س) وفي حديث آخر <تَعرّضوا لِنَفَحات رحمة اللَّه تعالى>. (ه) وفيه <أوَّلُ نَفْحة من دَم الشهيد> أي أوّل فَوْرة تَفُور منه. {نفخ} *فيه أنه نَهَى عن النَّفْخ في الشَّراب> إنما نَهَى عنه من أجْل ما يُخاف أن يَبْدُرَ من رِيقِه فيَقَع فيه، فرُبَّما شَرِب بَعْده غيرُه فيتأذّى به. وفيه <أعوذ باللَّه من نَفْخِه ونَفْثِه> نَفْخُه: كِبْرُه؛ لأنَّ المُتَكَبّر يَتَعاظم وَيَجْمَع نَفْسَه ونَفَسَه، فيَحْتاج أن يَنْفُخ. وفيه <رأيت كأنه وُضِع في يَديّ سِوَرَانِ من ذَهب، فأُوحِيَ إليّ أنِ انْفُخْهُما> أي ارْمِهما وألْقِهِما، كما تَنْفُخ الشَّيءَ إذا دَفَعتَه عنك. وإن كانت بالحاء المهملة فهو مِن نَفَحْتُ الشيء، إذا رَمَيْتَه. ونَفَحَتِ الدَّابة، إذا رَمَحَت بِرِجْلها. ويروى حديث المُسْتَضْعَفِين بمكة <فَنَفَخَت بهم الطريقُ> بالخاء المعجَمة: أي رَمَتْ بهم بَغْتةً، من نَفَخَتِ الريحُ، إذا جاءت بَغْتة. وكذلك: (س) يروى حديث علي <نافِخٌ حِضْنَيْه> أي مُنْتَفِخ مُسْتَعِدّ لأن يَعْمَل عَملَه من الشَّر. (س) وحديث أشراط الساعة <انْتِفاخ الأهِلَّة> أي عِظَمُها. ورَجُلٌ مُنْتَفِخ ومَنْفوخ: أي سَمِين. (س) وفي حديث علي <وَدَّ مُعاوية أنه ما بَقِيَ من بني هاشم نافخُ ضَرَمة> أي أحَدٌ؛ لأن النار يَنْفُخها الصَّغير والكَبير، والذَّكر والأنْثَى. (س) وفي حديث عائشة <السَّعوط مكان النَّفخ> كانوا إذا اشْتَكى أحدُهم حَلْقَه نَفَخوا فيه، فجُعِلَ السَّعوطُ مكَانَه. {نفذ} (ه) فيه <أيُّما رجُلٍ أشَادَ على مُسْلمٍ بما هو بَرِيءٌ منه كان حَقّاً على اللَّه أنْ يُعَذِّبَه، أو يأتِيَ بِنَفَذِ مَا قال> أي بالمَخْرَج منه. والنَّفَذ، بالتحريك: المَخْرَج والمَخْلَص. ويقال لِمَنْفَذِ الجِرَاحة: نَفَذٌ. أخرجه الزمخشري عن أبي الدرداء. (ه) وفي حديث ابن مسعود <إنكم مَجْموعون في صَعيِدٍ واحد، يَنْفُذُكم البَصَر> يقال: (هذا شرح الكسائي، كما ذكر الهروي) نَفَذَني بَصَرُه، إذا بلَغَني (في الهروي: <تابعني>) وجاوَزَني. وأنْفَذْتُ (هذا من قول ابن عون، كما جاء في الهروي) القَومَ، إذا خَرَقْتَهم، ومَشَيْتَ في وسَطِهم، فإن جُزْتَهُم حتى تُخَلِّفَهُم قُلْتَ: نَفَذْتُهم، بلا ألِف. وقيل: يقال فيها بالألِف. قيل: المُراد به يَنْفُذُهم بَصَرُ الرَّحمن حتى يأتِيَ عليهم كُلِّهم. وقيل: أراد يَنْفُذهم بَصَرُ الناظر؛ لإسْتِواء الصَّعيد. قال أبو حاتم: أصحاب الحديث يَرْوُونه بالذال المعجَمة، وإنما هو بالمهمَلة: أي يَبْلُغ أوّلَهم وآخرَهم. حتى يرَاهم كُلَّهم ويَسْتَوعِبَهم، من نَفَد (في الأصل، وا، والدر النثير: <نفذ...وأنفذته> بالذال المعجمة. وأثبتُّه بالمهملة من اللسان) الشَّيءُ وأنْفَدْتُه (في الأصل، وا، والدر النثير: <نفذ...وأنفذته> بالذال المعجمة. وأثبتُّه بالمهملة من اللسان) وحَمْلُ الحديث على بَصرِ المُبْصِر أولَى من حَمْلِه على بَصَر الرحمن؛ لأنَّ اللَّه جَلَّ وعز يَجمَع الناسَ يومَ القيامة في أرضٍ يَشْهَد جميع الخلائق فيها مُحاسَبَةَ العَبْدِ الواحِدِ على انفِراده، ويَرَوْن ما يصير إليه. (س) ومنه حديث أنس <جُمِعُوا في صَرْدَحٍ يَنْفُذهم البَصرُ، ويُسْمِعُهم الصَّوْت>. وفي حديث بِرّ الوالِدَيْن <الإستغفار لهما وإنْفاذ عَهْدِهما> أي إمْضاء وَصِيَّتِهما، وما عَهِدَا به قَبْل مَوتِهِما. ومنه حديث المُحْرِم <إذا أصاب أهْلَه ينْفُذانِ لوَجْهِهما> أي يَمْضِيان على حالِهما، ولا يُبْطِلانِ حَجَّهما. يقال: رجُلٌ نافِذٌ في أمرِه: أي ماضٍ. [ه] ومنه حديث عمر <أنه طاف بالبيت مع فلان، فلما انتهى إلى الرُّكْن الغَرْبيّ الذي يَلي الأسْوَدَ قال له: ألاَ تَسْتَلِم؟ فقال له: انْفُذْ عَنْك، فإنَّ النبي صلى اللَّه عليه وسلم لم يَسْتَلِمْه> أي دَعْه وتَجاوَزْه. يقال: سِر عَنْك، وانْفُذْ عَنْك: أي امْضِ عن مكانِك وجُزْه (زاد الهروي: <ولا معنى لِعَنْك>) ومنه الحديث <حتى يَنْفُذَ النِّساء> أي يَمْضِين ويَتَخَلَّصْنَ من مُزاحَمةِ الرِّجال. والحديث الآخر <انْفُذْ على رِسْلِك، وانْفُذ بسَلام> أي انْفَصل وامْضِ سالِماً. (س) وفي حديث أبي الدَّرْداء <إنْ نافَذْتَهُم نافَذْوك> نافَذْتُ الرجُل، إذا حاكَمْتَه: أي إنْ قُلتَ لهم قالوا لَك. ويُروَى بالقاف والدال المهمَلة. ومنه حديث عبد الرحمن بن الأزرق <ألاَ رجُلٌ يَنْفُذُ بَيْنَنا> أي يَحْكُم ويُمْضِي أمْرَه فِينا. يقال: أمْرُه نافِذ: أي ماضٍ مُطاعٌ. {نفر} (س) فيه <بَشِّروا ولا تُنَفِّروا> أي لا تلْقَوهُم بما يِحْمِلهم على النُّفور. يقال: نَفَر يَنْفِر نفورا ونِفارا، إذا فرّ وذَهَب. ومنه الحديث <إنَّ منكم مُنَفِّرين> أي مَن يَلْقَى الناس بالغِلْظة والشِّدة، فَيَنْفِرُون من الإسْلام والدِّين. (ه) ومنه حديث عمر <لا تُنَفِّرِ الناسَ> (س) والحديث الآخر <أنه اشْتَرط لِمن أقطَعَه أرضاً ألاّ يُنَفَّرَ مالُه> أي لا يُزْجَر ما يَرْعَى فيها من مالِه، ولا يُدْفَع عن الرَّعْي. ومنه حديث الحج <يوم النَّفْر الأوّل> هو اليَومُ الثاني من أيام التَّشريق. والنَّفْر الآخِر اليَومُ الثالِث. وفيه <وإذا اسْتُنْفِرْتُم فانْفرُوا> الاسْتِنْفار: الاستِنْجاد والاسْتِنْصار: أي إذا طُلِبَ منكم النُّصْرة فأجِيبوا وانْفِرُوا خارِجين إلى الإعانة. ونَفِير القوم: جَماعَتُهم الذين يَنْفِرون في الأمْر. (س) ومنه الحديث <أنه بَعَث جماعةً إلى أهل مكة، فَنَفَرَت لهم هُذَيل، فلما أحَسُّوا بِهم لَجَأوا إلى قَرْدَدٍ> أي خَرجوا لِقتالِهم. (س) ومنه الحديث <غَلَبت نُفُورَتُنا نُفُورَتَهم> يقال لأصحاب الرَّجُل والذين يَنْفِرُون معه إذا حَزَبه أمرٌ: نَفْرَتُه ونَفْرُه (في الأصل، وا: <ونُفْرَتُه> والمثبت من الصحاح، والأساس، واللسان) ، ونافِرَتُه ونُفُورَتُه. (س) وفي حديث حمزة الأسلمي <أُنْفِرَ بِنَا في سَفَرٍ مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم> يُقال: أي تَفَرَّقَت إبِلُنا، وأُنْفِرَ بِنا: أي جُعِلْنا مُنْفِرِين ذَوِي إبِلٍ نافِرة. ومنه حديث زينب بنت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم <فأنْفَر بها المشرِكون بَعيرَها حتى سَقَطَت>. ومنه حديث عمر <ما يَزيدُ على أن يَقُول: لا تُنْفِروا> أي لا تُنْفِروا إبِلَنا. (س) وفي حديث أبي ذر <لو كان هَا هُنا أحدٌ من أنْفارِنا> أي من قَومِنا، جَمْع نَفَرٍ، وهُم رَهْط الإنسان وعَشِيرته، وهُو اسْمُ جَمْعٍ، يَقَع على جَمَاعة من الرِّجال خاصَّة ما بين الثلاثة (في الأصل، وا، والدر: <الثلاث> والتصحيح من اللسان) إلى العَشَرة، ولا واحدَ له من لَفْظه. (س) ومنه الحديث <ونَفَرُنا خُلُوف> أي رجالنا. وقد تكرر في الحديث. (ه) وفي حديث عمر <أن رجُلا تَخَلَّل بالقَصَب، فَنَفَر فُوهُ، فَنَهى عن التَّخلُّل بالقَصَب> أي وَرِمَ، وأصلُه من النِّفَار؛ لأنَّ الجِلْدَ يَنْفِرُ عن اللَّحم، للدَّاء الحادِث بَيْنَهُما. (ه) ومنه حديث غَزوَان <أن لَطَم عَيْنَه فَنَفَرت> أي وَرِمَت. (س) وفي حديث أبي ذر <نافَرَ أخِي أُنَيْسٌ فُلانا الشَّاعِر> تَنافَر الرجُلان، إذا تَفاخَرا ثم حَكَّما بينَهُما واحِدا، أراد أنَّهما تَفاخَرا أيُّهما أجْودُ شِعْرا. والمُنافَرةُ: المُفاخَرةُ والمُحاكَمةُ، يُقال: نافَرَه فَنَفَرَه يَنْفُرُه، بالضم، إذا غَلَبه. ونَفَّره وأنْفَرَه، إذا حَكم له بالغَلَبة. وفيه <إنَّ اللَّه يُبْغِض العِفْرِيَةَ النِّفْرِيَةَ> أي المُنْكَر الخبِيث. وقيل: النِّفْرِيَةُ والنِّفْرِيتُ: اتباع لِلعِفْريَةِ والعِفْريتِ. {نفس} [ه] فيه <إني لأَجِدُ نَفَسَ الرحمنِ مِن قِبَلِ اليَمَن> وفي رواية <أجِدُ نفَسَ رَبِّكم> قيل: عَنَى به الأنصار؛ لأنَّ اللَّه نَفَّس بهم الكَرْبَ عن المؤمنين، وهُم يَمَانُون؛ لأنَّهم من الأزْد. وهو مُسْتَعارٌ من نَفَس الهواء الذي يَرُدّه التَّنَفُّس إلى الجَوف فَيُبْرِدُ من حَرارته ويُعَدِّلُها، أو مِن نَفَس الرِّيح الذي يَتَنَسَّمه فيَسْتَروِح إليه، أو مِن نَفَس الرَّوضة، وهو طِيبُ رَوائحها، فَيَتَفرّج به عنه. يقال: أنت في نَفَسٍ من أمْرِك، واعمل وأنت في نَفَسٍ من عُمْرك: أي في سَعَة وفُسْحة، قَبْل المرَض والهَرَمِ ونَحْوِهما. (ه) ومنه الحديث <لا تَسُبُّوا الرِّيح، فإنها من نَفَس الرحمن> يُريد بها أنَّها تُفَرِّج الكَرْب، وتُنْشِىء السَّحاب، وتَنْشُر الغَيْث، وتُذْهِب الجَدْب. قال الأزهري: النَّفس في هَذيْن الحَديثَين اسْمٌ وُضِعَ مَوْضعَ المصْدَرِ الحقيقي، من نَفسَ يُنَفِّسُ تَنْفيسا ونَفَساً، كما يقالُ: فَرّج يُفَرِّجُ تَفْريجا وفَرَجاً، كأنه قال: أجِدُ تَنْفيسَ ربِّكُم من قِبَلِ اليَمنِ، وإنَّ الرِّيح من تَنْفِيسِ الرحمن بها عن المكروبين. قال العُتْبي: هَجَمْتُ على وَادٍ خَثِيب وأهْلُه مُضْفَرّةٌ ألوانُهم، فسألتُهم عن ذلك، فقال شَيْخ منهم: ليس لَنا رِيحٌ. (ه) ومنه الحديث <مَن نَفَّس عن مُؤمنٍ كُرْبة> أي فرَّج. (س) ومنه الحديث <ثم يَمشي أنْفَسَ منه> أي أفسَحَ وأبْعَدَ قليلا. والحديث الآخَر <مَن نَفَّس عن غَريمه> أي أخَّر مُطالَبَته. ومنه حديث عمَّار <لقد أبْلَغْتَ وأوْجَزْت، فلو كُنْتَ تَنَفَّست> أي أطَلْتَ. وأصله أن المُتكَلم إذا تَنَفَّس استأنف القَولَ، وسَهُلَت عليه الإطالة. (س) وفيه <بُعِثْتُ في نَفَسِ الساعة> أي بُعِثْتُ وقد حان قِيامُها وقَرُب، إلا أنَّ اللَّه أخَّرها قليلا، فبَعَثَني في ذلك النَّفَس، فأطلق النَّفَس على القُرْبِ. وقيل: معناه أنه جَعل للساعة نَفَساً كَنَفَسِ الإنسان، أرادَ إنِّي بُعِثْتُ في وَقْتٍ قَرِيب منها أحُسُّ فيه بنَفَسها، كما يُحسُّ بنَفَسِ الإنسان إذا قَرُب منه. يعني بُعِثْت في وقْتٍ بانَت أشراطُها فيه وظَهَرت علاماتُها. ويُروَى <في نَسَم الساعة> وقد تقدم. (ه) وفيه <أنه نَهَى عن التَّنَفُّس في الإناء> (ه) وفي حديث آخر <أنه كان يَتَنَفَّس في الإناء ثلاثا> يعني في الشُّرْب. الحَديثان صحيحان، وهُما باخْتِلاف تَقْديريْن: أحدُهما أن يَشْرَب وهو يَتَنَفَّس في الإناء من غير أن يُبينَه عن فِيه وهو مكروه. والآخَرُ أن يَشْرَب من الإناء بثلاثة أنْفاس يَفْصِل فيها فَاهُ عن الإناء يقال: أكْرعَ في الإناء نَفَساً أو نَفَسَين، أي جُرْعةً أو جُرْعَتين. (س) وفي حديث عمر <كُنَّا عنده فتَنَفَّس رجُل> أي خَرج من تَحْتهِ ريحٌ. شبَّه خروجَ الرِّيح من الدُّبُر بخُروج النَّفَس من الفَمِ. (ه) وفيه <ما مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسةٍ إلا قد كُتِبَ رِزقُها وأجَلُها> أي مَولُودة. يُقال: نُفِسَت المرأةُ ونَفِسَت، فهي مَنْفوسة ونُفَساء، إذا وَلَدَت. فأما الحَيْضُ فلا يُقال فيه إلا نَفِسَت، الفتح. ومنه الحديث <أنّ أسماءَ بنتَ عُمَيس نَفِست بمحمد بن أبي بكر> والنِّفاس: وِلادُ المرأة إذا وَضَعَتْ. ومنه الحديث <فلمّا تَعَلَّت من نِفاسِها تَجَمَّلَت للخُطَّاب> أي خَرَجَت من أيَّام وِلادَتِها. وقد تكرر في الحديث. (س) ومن الأوّل حديث عمر <أنه أجْبَر بَنِي عَمّ على مَنْفُوس> أي ألزَمَهُم إرضاعَه وتَرْبِيَتَه. (س) وحديث أبي هريرة <أنه [صلى اللَّه عليه وسلم (ساقط من ا، واللسان)] صَلّى على مَنْفُوسٍ> أي طِفْل حين وُلِدَه والمراد أنه صلى عليه ولم يَعْمَل ذَنْبا. (ه) وحديث ابن المسيَّب <لا يَرِثُ المَنْفوسُ حتى يَسْتَهِلَّ صارِخا> أي حتى يُسْمَعَ له صَوْت. (ه) وقد حديث أم سَلمة <قالت: حِضْتُ فانْسَلَلتُ، فقال: مالَكِ، أنَفِسْتِ> أي أحِضْتِ. وقد نَفِسَت المرأةُ تَنْفَسُ، بالفتح، إذا حاضَتْ. وقد تكرر ذكْرُها بمعنى الوِلادة والحَيْض. وفيه <أخْشَى أن تُبْسَط الدنيا عليكم كما بُسِطَت على مَن كان قَبْلَكم، فَتَنافَسُوها كما تَنَافَسُوها> التَّنافُس من المُنافَسَة، وهي الرّغْبةُ في الشيء والانْفِرادُ به وهو من الشَّيءِ النَّفِيسِ الجَيّد في نَوْعِه. ونافَسْتُ في الشيءِ مُنافَسَة ونِفاساً، إذا رَغِبْتَ فيه. ونَفُسَ بالضم نَفاسةً: أي صار مَرْغوبا فيه. ونَفِسْتُ به، بالكسر: أي بَخِلْتُ به. ونَفِسْتُ عليه الشيءَ نَفاسَة، إذا لم تَره له أهْلا. ومنه حديث عليّ <لقد نِلْتَ صِهْرَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فما نَفِسْناه عليك> (س) وحديث السَّقِيفة <لم نَنْفَسْ عليك> أي لم نَبْخَل. (س) وحديث المغيرة <سَقِيم النِّفاس> أي أسقَمَتْه المَنافَسةُ والمُغالَبة على الشيء. (ه) وفي حديث إسماعيل عليه السلام <أنه تَعَلَّم العَرِبيَّةَ وأنفَسَهُم> أي أعْجَبَهم. وصار عندهُم نَفِيسا. يقال: أنْفَسَنِي في كذا: أي رَغّبَني فيه. (ه) وفيه <أنه نَهَى عن الرُّقْيَة إلا في النَّمْلة والحُمَة والنَّفْس> النَّفْس: العَيْن. يقال: أصابَت فلاناً نَفْسٌ: أي عَيْن. جعَله القُتيبيّ من حديث ابن سيرينَ (وكذلك صنع الهروي) وهو حديثٌ مَرفوعٌ إلى النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم عن أنس. (ه) ومنه الحديث <أنه مَسَح بَطْنَ رافِع، فألْقى شَحْمَةً خَضْراء، فقال: إنه كان فيها أنْفُسُ سَبْعَةٍ> يُريدُ عُيُونَهم. ويقال للعَائن: نافِس. (ه) ومنه حديث ابن عباس <الكِلاب من الجِنّ، فإن غَشِيَتْكم عند طَعامِكم فألْقُوا لَهُنّ؛ فإنَّ لَهُنَّ أنْفُساً وأعْيُنا>. (ه) وفي حديث النَّخعَي <كلّ شيءٍ لَيست له نَفْسٌ سَائلة، فإنه لا يُنَجِّس الماء إذا سَقَط فيه> أي دَمٌ سَائلٌ. {نفش} (س) فيه <أنه نَهى عن كسْب الأمَة، إلا ما عَمِلَتْ بِيدَيها، نَحْو الخَبْزِ والغَزْلِ النَّفْش> هو نَدْف القُطن والصُّوف. وإنما نهى عن كَسْب الإماء؛ لأنه كانت عليهنَّ ضرائبُ، فلم يأمَنْ أن يكون منهنّ الفُجور، ولذلك جاء في رواية <حتى يُعْلَمَ من أين هو>. (س) ومنه حديث عمر <أنه أتَى على غُلامٍ يبيع الرَّطْبة، فقال: انْفُشْها، فإنه أحْسَنُ لها> أي فَرِّقْ ما اجتمع منها، لتَحْسُنَ في عين المُشْتري. والنَّفيس (في اللسان <والنَّفَس> وما عندنا يوافقه ما القاموس، وانظر شرحه): المتاعُ المُتَفرِّق. [ه] وفي حديث ابن عباس <وإن أتاك مُنْتَفِشَ (في الهروي: <مُنَفَّش>) المَنْخَرَين> أي واسِع مَنْخَرِي الأنف، وهو من التَّفريق. (ه) وفي حديث عبد اللَّه بن عمرو <الحَبَّة في الجنةِ مثل كَرِش البعير يبيتُ نافِشاً> أي راعِيا. يقالُ: نَفَشَت السَّائمة تَنْفِشُ نُفوشا، إذا رَعت لَيْلا بلا رَاعٍ، وهَمَلَت، إذا رَعَت نَهارا. {نفص} (س) فيه <مَوْتٌ كنُفَاص الغَنَم> النُّفَاصُ: داءٌ يأخذ الغَنَم فتُنْفِصُ بأبوالِهَا حتى تموت: أي تُخْرِجُه دُفْعةً بَعْدَ دُفْعة. وقد أنْفَصَتْ فيه مُنْفِصة. هكذا جاء في رواية. والمشهور <كَقُعاص الغَنم> وقد تقدّم. وفي حديث السُّنَن العشر <وانْتِفاص الماء> المشهور في الرواية بالقاف. وسيجيء. وقيل: الصواب بالفاء، والمراد نَضْحُه على الذَكر، من قولهم لِنَضْحِ الدمِ القليل: نُفْصَة، وجمعها: نُفَصٌ. {نفض} (ه) في حديث قَيْلة <مُلاءَتان كانتا مَصْبوغَتَين وقد نَفَضَتا> أي نَصَل لَونُ صِبْغِهما، ولم يَبْق إلا الأصر. والأصل في النَّفْض: الحَرَكة (في الهروي: <التحويل> ) (س) وفي حديث أبي بكر رضي اللَّه عنه والْغَار <أنا أنْفُض لك ما حَوْلك> أي أحْرُسك وأطُوف هل أَرَى طَلَبا. يقال: نَفَضْتُ المكان واسْتَنْفَضْتُه وتَنَفَّضْتُه، إذا نَظرْتَ جميعَ ما فيه. والنّفَضة، النّفْضة بفتح الفاء وسكونها، والنَّفيضةُ: قَوْمٌ يُبْعَثُون مُتَجَسِّسين، هل يَرَوْن عدوّا أو خَوْفاً. وفيه <ابْغني أحْجارا اسْتَنْفضُ بها> أي أسْتَنْجي بها، وهو من نفْض الثوب؛ لأنَّ المُسْتَنْجِيَ يَنْفُض عن نفْسِه الأذَى بالحَجر: أي يُزيلُه ويَدفعُه. ومنه حديث ابن عمر <أنه كان يمرّ بالشِّعْب من مُزْدَلِفَةَ فَينْتَفِض ويَتَوضَّأ> ومنه الحديث <أُتِي بمِنديلٍ فلم يَنْتَفِضْ به> أي لم يَتَمَسَّح. وقد تكرر في الحديث. وفي حديث الإفك ومنه الحديث <إنّي لأنْفُضُها نَفْضَ الأديم> أي أُجْهِدُها وأعرُكُها، كما يُفْعل بالأديم عند دِباغِه. (س) وفي حديث <كُنَّا في سَفَرٍ فأنْفَضْنَا> أي فَنِيَ زادُنا، كأنهم نَفَضُوا مَزاوِدَهم لخُلُوِّها، وهو مِثْل أرْمَل وأقْفَر. {نفع} *في أسماء اللَّه تعالى <النافع> هو الذي يُوسِّل النَّفع إلى من يشاء مِن خَلْقِه حيث هو خالقُ النَّفْع والضَّر، والخَيْر والشَّر. وفي حديث ابن عمر <أنه كان يَشرب من الإدَاوَةِ ولا يَخْنِثُها ويُسَمّيها نَفْعَةَ> سمَّاها بالمرَّة الواحدةِ من النَّفع، ومَنَعها من الصَّرف للعَلميَّة والتأنيث. هكذا جاء في الفائق (انظر الفائق 1/373) فإن صَحَّ النَّقْل، وإلا فما أشْبَه الكَلمة أن تكون بالقاف، من النَّقع، وهو الرِّيّ. واللَّه أعلم. {نفق} *قد تكرر في الحديث ذكر <النِّفاق> وما تصرَّف منه اسْما وفعْلا، وهو اسمٌ إسلامي، لم تَعْرفْه العرب بالمعْنى المخْصُوص به، وهو الذي يَسْتُر كُفْرَه ويُظْهر إيمانه، وإن كان أصلُه في اللُّغة مَعْروفا. يقال: نافقَ يُنَافق مُنافَقةً ونِفاقا، وهو مأخوذ من النَّافِقاء: أحَد جِحَرة اليَرْبوع، إذا طُلِب من واحِدٍ هرَب إلى الآخَر، وخرَج منه. وقيل: هو من النَّفَق: وهو السَّرَب الذي يُسْتَتَر فيهِ، لِسَتْرِه كُفْرَه. وفي حديث حنظلة <نافَقَ حَنْظَلةُ> أراد أنه إذا كان عِند النبي صلى اللَّه عليه وسلم أخْلَصَ وزَهِدَ في الدنيا، وإذا خرج عنه تَرك ما كان عليه ورَغِب فيها، فكأنه نوع من الظاهر والباطن، ما كان يَرْضَى أن يُسامِحَ به نفسَه. (س) وفيه <أكْثَر مُنافِقي هذه الأمَّة قُرَّاؤُها> أراد بالنِّفاقِ ها هنا الرِّياء لأن كِلَيْهما إظهارُ غير ما في الباطن. (س) وفيه <المُنَفِّقُ سِلْعَتَهَ بالحَلِف كاذبٌ> المُنَفِّقُ بالتشديد: من النفَاق، وهو ضِدُّ الكَساد. ويُقالُ: نَفَقَتِ السِلعةُ فهي نافِقة، وأنْفَقْتُها ونَفَّقْتُها، إذا جَعَلْتَها نافِقة. (ه) ومنه الحديث <اليمينُ الكاذِبةُ مَنْفَقَةٌ للسِلْعة مَمْحَقةٌ للبَركة> أي هي مَظِنَّة لِنفاقِها ومَوْضِعٌ له. [ه] ومنه حديث ابن عباس <لا يُنَفِّق بعضُكم لبعض> أي لا يَقْصِدُ أن يُنَفِّق سِلْعَتَه على جهة النَّجْش، فإنه بزيادته فيها يُرغِّب السامعَ، فيكون قولُه سَببا لابْتِياعِها، ومُنَفِّقاً لها. ومنه حديث عمر <مِن حَظِّ المَرء نَفَاق أيِّمِه> أي من حَظِّه وسعادته أن تُخْطَب إليه نساؤه، من بناتِه وأخَواته، ولا يَكْسُدْن كَسادَ السِّلع التي لا تَنْفُق. (س) وفي حديث ابن عباس <والجَزورُ نافِقة> أي مَيِّتة. يقال: نَفَقَتِ الدابَّة، إذا ماتت. {نفل} (س) في حديث الجهاد <أنه نَفَّل في البَدأة الرُّبُع، وفي القَفْلة الثُلُث> النَّفَل بالتحريك: الغَنِيمة، وجمعه: أنْفَال. والنَّفْل بالسكون وقد يُحرّك: الزّيادة وقد تقدم معنى هذا الحديث في حرف الباء وغيره. (س) ومنه الحديث <أنه بَعَث بَعْثاً قِبَل نَجْد، فبلَغَتْ سُهْمانُهم اثْنَي عَشَرَ بعَيرا، ونَفَّلَهُم بَعيراً بَعيراً> أي زادَهم على سِهامِهم. ويكون من خُمْس الخُمُس. ومنه حديث ابن عباس <لا نَفَل في غَنِيمة حتى تُقسَمَ جُفَّةً كلُّها> أي لا يُنَفِّل منها الأميرُ أحداً من المُقاتِلة بعْد إحرازِها حتى تُقْسَم كُلُّها، ثم يُنَفِّله إن شاء من الخُمس، فأما قَبل القِسْمة فلا. وقد تكرر ذكر <النَّفل والأنْفال> في الحديث، وبه سُمِّيت النَّوافل في العِباداتِ، لأنّها زائدةٌ على الفرائضِ. ومنه الحديث <لا يَزالُ العَبدُ يَتَقَرَّبُ إليَّ بالنَّوافِل> الحديث. وفي حديث قِيام رمضان <لو نَفَّلْتَنا بَقِيَّةَ ليْلَتنا هذه> أي زِدْتنَا من صلاة النَّافلة. والحديث الآخر <إنَّ المَغانمَ كانت مُحَرَّمةً على الأمم قَبْلَنا، فَنفَّلَها اللَّه تعالى هذه الأمَّة> أي زادَها. وفي حديث القسامة <قال لأوْلِياء المَقْتول: أتَرْضَون بنَفْل خَمْسين من اليهود ما قَتَلوه؟> يقالُ: نَفَّلْتُه فنَفَل: أي حَلَّفْتُه فحَلَفَ. ونَفَل وانْتَفَل، إذا حَلَف. وأصلُ النَّفْل: النَّفْي يقال: نَفَلْتُ الرجُل عن نَسَبه، وانْفُلْ عن نفسِك إن كُنت صادِقا: أي انْفِ عنك ما قيل فيك، وسُمِّيت اليمين في القَسامة نَفْلا لأن القِصاصَ يُنْفَى بها. (ه) ومنه حديث علي <لَودِدْتُ أنَّ بني أميَّة رَضُوا ونَفَّلْناهم خمسين رجُلا من بني هاشم، يَحْلِفون ما قَتَلْنا عثمان، ولا نَعْلم له قَاتِلا <يريدُ نَفَّلْنا لهم. (س[ه]) ومنه حديث ابن عمر <أنَّ فلانا انْتَفَلَ من وَلَده> أي تَبرَّأ منه. (س) وفي حديث أبي الدَّرْداء <إياكم والخَيْلَ المُنْفِّلةَ التي إن لَقِيتْ فَرَّت، وإن غَنِمَت غَلَّت> كأنه من النَّفَلِ: الغَنيمة: أي الذين قَصْدُهم من الغَزْوِ الغنيمةُ والمالُ، دون غيره، أو من النَّفَلِ، وهم المطَّوِّعة المُتَبَرّعون بالغزو، والذين لا إسمَ لهم في الدّيوان، فلا يقاتِلون قِتالَ مَن له سَهْم. هكذا جاء في كتاب أبي موسى من حديث أبي الدرداء. والذي جاء في <مُسْند أحمد> من رواية أبي هريرة <أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: إياكم والخَيْلَ المُنَفّلة، فإنها إن تَلْقَ تَفرّ، وإن تَغْنَم تَغْلُل> ولَعلَّهما حديثان. {نفه} [ه] فيه <هجَمَتْ له العين ونَفِهَتْ له النَّفس (رواية الهروي واللسان: <هَجَمَتْ عَيْناك ونَفِهَتْ نَفْسُك> قال في اللسان: رواه أبو عبيد <نَفِهَتْ> والكلام: <نَفَهَتْ> ويجوز أن يكونا لغتين. وانظر صحيح مسلم (باب النهي عن صوم الدهر، من كتاب الصيام) صفحتي 815،816.>) أي أعْيَت وكلَّت. {نفا} [ه] فيه <قال زيد بن أسْلَم: أرسَلني أبي إلى ابن عُمر، وكان لنا غَنَم، فأردنا نَفِيَتَيْن (في الهروي: <نُفْيَتيْن>) نُجَفِّفُ عليهما الأقِطَ، فأمر قَيِّمه لَنا بذلك> قال أبو موسى: هكذا رُوي <نَفِيتَيْن> بوزْن بَعيرَين، وإنما هو <نَفِيَّتَيْن> بوزن شَقِيَّتَيْن، واحِدتُهما: نَفِيَّة، كطَوِيَّة. وهي شيءٌ يُعمل من الخُوص، شبه طَبَقٍ عَريض. وقال الزمخشري (انظر الفائق 3/118): قال النَّضر: النُّفْية، بوزن الظُّلْمة، وعِوَض الياء تاء، فوقَها نُقْطتان. وقال غيره: هي بالياء، وجَمْعها: نُفىً، كَنُهْيةٍ ونُهىً. والكُلّ شيءٌ يُعْمَل من الخُوص مُدَوَّراً واسعاً كالسُّفرة. (ه) وفي حديث محمد بن كعب <قال لعُمَر بن عبد العزيز، حِينَ اسْتُخْلف، فرآه شَعِثاً، فأدام النَّظَرَ إليه، فقال له: ما لَك تُدِيمُ النَّظَر إليّ؟ فقال: أنْظُر إلى ما نَفَى من شَعَرك، وحالَ من لَوْنك> أي ذَهَب وتَسَاقَط. يقال: نَفَى شَعَرُهُ نَفْياً، وانْتَفَى، إذا تَساقط. وكان عُمر قَبْل الخِلافة مُنَعَّما مُتْرَفا، فلما اسْتُخْلِف شَعِثَ وتَقَشَّف. وفيه <المدينة كالكِير تَنْفِي خَبثَها> أي تُخْرجه عنها، وهو من النَّفْي: الإبْعاد عن البلَد يقال: نَفَيْتُه أنْفِيه نَفْياً، إذا أخرجْتَه من البلَدِ وطرَدتْه. وقد تكرر ذِكرُ <النَّفْي> في الحديث.
|